أعلنت الوحدة
أعلنت الوحدة وأغلقت باب الطيبة إلى الأبد باب الرياء, ارتداني ثوب الحزن فجأة, ولم أعد أطيق حتى ضحكة غضبي ولا كسر الأطباق, حتى نفسي التي لم تعد تريد أن تكون نفسي لم أعد أطيق رؤيتها طردتها من الدماء, ولا منظر خارطة طريق دوائري الزرقاء حول مقلتي التي تنبأ عن هجوم التراب, سكنني الصمت العاري والجمود المنتقم من أوهامه, والدموع تحفر لنفسها خندق الرحيل لكن أمطار أفكاري تخرب عليها فرصة الهروب وتردم عليها رمال السراب, لقد أصبحت الحسناء الشاردة بدل النائمة في قفص النسيان, من أنا حتى يخون جسدي روحي ويرحل في أضلاعه, بينما رائحته يجب أن تبقى هنا, وماذا أفعل أنا في هذا المكان, بينما يجب أن أكون في مكان آخر أتناول أوجاعه, وماذا تزيد عني تلك الأفواه التي تتمحلق بعبارات مرتجلة, على الأقل,, على الأقل أنا أقولها من قلبي من أعماق قلبي, وكل لحظة يشهق تنهيدي بدمعة, لكنها تعلق عند حدود جفوني حيث تقبع دورية العدو المرمش بالكحول, لا يمكنك أن تقول أحبك وترحل, الحب سيجعلك تبقى عندما الحب يرحل, مع حقائب المجهول, وفي النهاية عليك أن تعترفي, أن شخصية الحزن تضفي عليك نوع من الانبهار, نوع من القوة, نوع من الكبرياء,
كنت أجلس مع روحي عندما دخل جسدي إلي, ماذا تريد أين كنت, كأنك كنت هنا منذ قليل هذه الرائحة ليست بغريبة علي, لم يكترث ومر عبر الكراسي المحنطة منذ ثوان, ثم جلس يقرأ.!! أضحكني ولا أريد أن أضحك, أنت ..!! إلى متى سأبقى أتحمل اتهاماتك العشوائية جزافاً أو ربما تتحملني, لماذا لا ترد هل أكل الصوص لسانك كما أكلتني, هل لديك موعد جديد كالعادة, أخجلت ساعتك من كثرة النظر إليها أو كان لونها أحمر منذ التقينا أول مرة على السجادة, أتذكر في الشهر الثالث عشر والفصل الخامس من السنة, عندها فقط رسمتك على مسودتي جسد ميت فارغ, أجل لا تضحك يا عمري أنا, أجل إنك جسدي الذي لا يريد أيضاً أن يتركني وشأني, وما شأنك وشأن بيتي, أنا حرة أصففه كيفما أشاء, ودع نفسي وشأنها ويا ليتها تدعك وترفض ما أشاء, وترحل بعيد .. بعيد عني, كان حبك مسودتي التي بيضتها بدمي الذي راح, على روزنامة حائط المطبخ منذ أول ليلة كانت تقرأ ثم أصبحت صفراء, وعندما فتحت شراييني صرخت من وجعها بذور التفاح, أحقاً عدت تتحدث مع الجراح, لما تريد دوماً أن نفتعل الشجار كل صباح, هل أصبحت عندك هواية أم ماذا..؟؟ أنا لم أكن يوماً كما تصفني ألا تخجل من نفسك, لما لا تفهم أريد أن أبقى وحدي أهو عيب أم حرام أم افتعلت المحرمات, أرحني من رأسك, أجل نحن هكذا ننسى أشياء كثيرة جميلة فعلناه, مقابل شيء واحد سيء لم نفعله, بينما أنت روح قلبك اللامبالاة, أشربت قهوتك على الشرفة الداكنة بالآلام, ونسيت كرسيك في قهوة العم صالح الذي افتقدك منذ عهد الانقراض, وظن أنك كنت تقتله, حسناً لا ترد ومن يحتاج منك لجواب, دخلت غرفتي الباردة وحبست وحدتي كي لا يحرمني منها كل مرة, أرني الآن كيف ستقابلها, ماذا قلت لم أسمع ..؟؟ هل نفذت من عندنا القهوة, لكن لا..لا تحضر سواها اصنع من أحزاني قهوة مرة, وتعال لأحكي لك قصة الجسد الخائن علك صباحاً تستيقظ وتجد نفسك ميت بالمرة, في علبة الأثرياء ...
الطقس جيد في الخارج فلماذا أشعر بالسوء, يا إلهي ما هذا الملل وبعده ملل ثم أيضا ملل, أنت إلى أين لا تخرج وتترك وحدتي وحدها, أخاطبك أنت .. لا ترحل, كيف دخلت نسمة باردة من صحن التنور, أغلقت الباب حسناً, كما تريد اذهب, لكن لا تنس أن طريق العودة تعثر بالنور, خرج يشتري قهوة إذاً, كانت تنتظره عند المدخل تلك الخائنة الجبانة لما يلف ويدور, وكنت أعلم أنه يقابلها لكن ماذا أفعل وماذا أستطيع أن أفعل سوى النواح, والقهر المتوفر والمتاح, ورغم أني حذرته مراراً أن لا يفعل ذلك ولكنه يفعل, ويقابلها سراً كي لا يسبب لي الجراح, ما أخف دمك عماه..!! وما الخطأ إن قابلها في غرفة المدخل, كي لا أشتم رائحة الخيانة التي دفنتها عدة مرات ولم أبخل, ثم توجهت لارتاح, وأعدت الوردة إلى غصنها, والعصفور إلى سمائه مع الرياح, كان علي أن أفعل عمل مفيد أثناء غيابه, أأنظف مزهرياتي, لا بل ألون المرايا بالشمع الذهبي, أو أزين مشاعري من لامبالاتي إلى كذبي, أو ماذا بقي لأفعله, أتعلم الصمت, أم أرسم روح وقربها موت, تمزقت الأفكار في رأسي حتى شعرت بالنعاس واقتربت من الوقت, هذا التلفاز لم أشاهده منذ سنين, يا ترى ماذا يكونان يفعلان الآن, وماذا يقول لها وماذا تهمس له, على أي حال إنه معطل, لا وقت لديه لأخذه للتصليح فمواعيده الغرامية, اقتربت لتدخل ذلك الكتاب الذي يتحدثون عنه كثيراً, كأن اسمه كان غينيس للأرقام القياسية, ولم يكن ينتهي التسجيل, كدموعي وجروحي التي لا تريد أن تنتهي وربما هي الأحق في تثبيتها في ذلك المجلد لعلي أنال الشهرة والمركز الأول بالتعتير, وكلما حدث شيء يسجلوه في ذلك الكتاب فلما لا يسجلون من هو صاحب أحسن خلق أو أعلى نسبة خيانة على الأقل كنوع من التغيير, ما هذا الصوت..!! آه إنه اتصال إنه هو يا إلهي هل سمعني, اتصل بي ليسألني عن شيء ما قد قمت بتوقيعه, وثيقة أي وثيقة ..؟؟ لا أنا لم أوقع على أي وثيقة, ولا حتى وثيقتي, ما هذا الهراء الذي تقوله, إن هذا تبلي هذا افتراء, ولن أسمح لك بفعل ذلك بي, أين أنت على أي حال, وماذا تفعل ..؟؟ لن أبين له أني أعرف أين هو ومع من, لا أريده أن يعرف أني أعرف, حسناً هذا ما أردت أن تقوله على أي حال, شكراً لاتصالك, أرجو ألا أكون قد عطلت عليك مسلسل غرامك, أعلم أن جل ما يريده هو أن يثير أعصابي ويحتقرني حتى وهو جالس معها لا يضيع أي فرصة أبداً, ولا يدعني أعش شبابي ولو لحظة من دونه, إنه كاتم صوتي لكن بشكل عالي وهذا شيء عادي, وألم يبقى لديه إلا هذه الورقة لينشغل بها من صفحة ميلادي, هيا عزيزي لتتقدم وتفترش رمال سرابي فأنت خندقي الذي لبسته بأعوادي, بعدما اشتقت لتنقلاتك القتيلة هنا وهناك, من صورة إلى صورة, تأخذ عنك نفسي عزائي, نفسي العمياء,
ذلك المغرور المتعجرف ما زال يكسر قلبي ويقذفه على شاهدتي قال كل شيء قابل للكسر, ولم يزال يجرحني ويتألم عني قال جروحي مثل السحر, وتلاحقني ذاكرته كأنها روح في ماء, لكن لا سيعود فكرسيه ما زال دافئاً ونفسي ما زالت هنا وإن قابلها هناك, فلن تهرب من عروقها الدماء, أعلم أن لا ذنب له بل هي التي كانت تعلن الوحدة عليه دائماً, فقد لاقت ممن كانوا حولها من تصرفات, حتى تطايرت أحداقها مثل المفرقعات, وكان بإمكانه وبكل سهولة أن يرى كيف كانت نيران الغضب تصب في قلبي كالرصاص, فكان من الممكن أن تخرج مني براكين الغضب والجنون لكني تخلصت منها السنة الماضية فلن أقدر أن ألومه مهما مات, ولم يتوقع أحد ما أنه كان طول تلك السنين يعيش مع جبل من أحزان, وشخصية هربت من جسد سكران, وماذا حصل لنا بعد تلك السنوات, كنت كلما أنظر إليك, أرى ظلي في عينيك, لما الآن لا أرى حتى عينيك ولا حتى الظلال, أريد أن أرى وأكحل عيوني بصاحب هذا الصوت الحنون, الذي رافقني طوال حياتي حتى أصاب عقلي الجنون, ولن أدخل فيك مرة ثانية حتى تعود الحياة تسير على السجاد المرصع بحبات الجمر والليمون, ولا أدري لعله غلبني النوم حتى أني لم أشعر بوقت عودته, لكن لمحت ابتسامته, ترقص على المخدة, كشيء يقفز هنا وهناك وقد أوقع نظارتي وبعض من جدائلي البيضاء على المسودة, ولم أتجرأ على سؤاله لكنه كان يتمتم في وجل, و جل ما فهمته أنه تصالح مع نفسه من الخجل, فقلت بصمت لقد عدت إليك بمشاعر جديدة, لكن لم أستطع التأقلم معك, فلا ترغمني أن أنام باكية قد حفظت درس أدمعك, ولما لا تخفف عني عناءاتك المفتعلة التي تظهر أمامي فقط, هل ورثتها من أجسادك السابقة أم أحضرتها من عند جارك المحنط, بالله عليك اترك وحدتي, فقد أعلنت ترك روح مسودتي, بعدما أصبحت من عداد الأحياء,
والله لقد تعبت أعصابي وتلفت أحاسيسي, بالله كلمني فمن غيرك يسمع فجوري, لن أقدر على التحمل أريد الخروج من دائرة قبوري, كلمني عن شيء أعرفه ولا تتعب نفسك في البحث عن شيء أجهله تاه مني شعوري, كم تمنيت أن أعيش مع أشخاص يقدرون ما أفعله لأجلهم, لكن لا يعرف الناس عني ما أعرفه عن نفسي ولا عنهم, ورغم أننا نعيش تحت جسد واحد, إلا أننا نشعر وكأننا غرباء, في بئر بلا ماء, بعدما أن شاء القدر أن نلتقي ويكون قلبك لي وقلبي لك جرفتنا الدماء, ومهما جرى وسيجري, ذكراك في روحي تجري, فأنت في عروقي بحري, وفي كلماتي شعري, صحيح أني لم أستطع فهم مشاعر قهر روحي, لأني أعرف تماماً أنك لن تشعر بأي شعور ما لم تجربه, لكني كنت أفهم تماماً معنى جروحي, فهي كانت دوامتي تحت البحر الذي كنت كل ليلة أشربه, وأصعب شعور يمكن أن يغير المرأة هو حركة صغيرة لروح جديدة في رحمها, روح جديدة لن أسمح لأحد مهما كان أن يخونها, فلا تقدم عطاءك بيد من رياء, كي لا يبقى ضميرك يوخزك طوال فترة موتك بالهواء, فلا يوجد في رأسك سوى محطتان تقلبهم وتكررهم كل عام, وتوهم نفسك أنهما عشر محطات مختلفة وتموت خوفاً إن شربت يوماً ما غير الماء, فما هذا الذي تقوله نهاية المطاف, من محاولات ودوافع وما إلى ذلك, ما هي هذه الهراءات التي أسمعها هنا الآن, ربما لم أحبك لكن من المستحيل أن أفكر بقتلك, فأنا لا أحبذ فكرة القتل عندما أريد التخلص من الأشياء ...............